Nov 14, 2008


الكونغرس ... برج إيفل أمريكا
واشنطن دي سي - سهام إحولين

لن تجد بناية في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي أعلى من بناية الكونغرس او ما يسمى ب" الكابتيول هيل". قد يذكرك ذلك بفرنسا التي حرمت كذلك أن تكون أي بناية أعلى من برج إيفل الذي يعتبر رمز باريس " عاصمة الأنوار"، وأنت لذلك لم تذهب بعيدا في مخيلتك عن ما قاله الرئيس الرابع للولايات المتحدة الأمريكية طوماس جفرسون، الذي شغل منصب سفير أمريكا في فرنسا، الذي أراد لواشنطن أن تكون " باريس أمريكية".
قليلون فقط من يعرف أن تصميم عاصمة أقوى دولة في العالم هو من مخيلة مهندس فرنسي اسمه بيير لانفانت، الذي هاجر إلى البلاد قبل استقلالها وعمل ضابطا في فرقة فرنسية تحالفت مع الأمريكيين في حربهم ضد البريطانيين. ومكث في المدينة حتى تم استدعائه في يوم من الأيام من طرف الرئيس الأمريكي جورج واشنطن لوضع تصميم للمدينة بعد سنة من تأسيسها.

حول الكونغرس، الذي يحمل شعار:"من الشعب ومن خلال الشعب ومن أجل الشعب"، يكثر الزوار ورجال الأمن والتماثيل والأشجار. فالكونغرس يعد من المعالم السياحية التي تجذب إليها عددا هائلا من الزوار من جميع أنحاء العالم، يلتقطون الصور الفوتوغرافية ويستمعون إلى قصة هذا المبنى الذي تتخذ فيه قرارات حاسمة يجتاز تأثيرها حدود البلاد.
لكن، ليس من مهام الكونغرس سن القوانين فقط، بل إنه المسؤول عن العاصمة واشنطن التي يوجد على أرضها والتي كانت قد اقتطعت من ولاية ميريلاند وسميت العاصمة الجديدة جورج واشنطن، تقديرا لدوره كقائد عسكري ضد الاحتلال البريطاني، حيث كانت قبلها نيويورك هي العاصمة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية. ولا تتبع واشنطن دي سي لأية ولاية أمريكية ويعني دي سي ( ديستريكت أوف كولومبيا) مقاطعة كولومبيا، فهي تحت إدارة حكومة بلدية، منتخبة من قبل سكان المدينة، وتحت إشراف مباشر من الكونغرس.

أنشئ الكابيتول هيل سنة 1808، وكان في بادئ الأمر صغيرا ومكونا فقط من جناح واحد مخصص لمجلس النواب، لكنه شيئا فشيئا تمت إضافة أجزاء إليه وإضافة تعديلات على أخرى، وتم بناء جناح مجلس الشيوخ ، حتى اكتمل على الشكل الذي يوجد عليه الآن.
لكن للكونغرس جانب مخيف، لن يطلعكم عليه دليلكم السياحي إلا إذا كان يحب قصص الأشباح واللعنات. فعندما اختلف مشرف البناء، جون لينثال، مع المهندس بي. هنري لاتروب، حول تشييد سقف الغرفة المعروفة حالياً بـ"غرفة المحكمة العُليا القديمة"، انهار السقف على لينثال، ليلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يردد لعناته على المبنى. كما أصيب جون كوينس آدامز، بنوبة قلبية في الغرفة التي تعرف الآن بـ"بهو التماثيل." وذلك أثناء إلقائه لكلمة للتنديد بحرب المكسيك، في أعقاب انتهاء فترة رئاسته.

كما يجوب غرف الكابيتول ليلا شبح جيمس غارفيلد، عضو مجلس النواب السابق، والذي اغتيل في أعقاب اختياره رئيساً بأربعة أشهر.
إضافة إلى شبح بيير تشارلس لونفانت، المهندس الفرنسي الذي صمم مدينة واشنطن، والذي توفي وهو في حالة فقر كبير ومرارة بالغة جراء المعاملة المهينة التي لقيها من الكونغرس، حيث كانوا يعتبرون أنه يعاني من "الفوقية الفرنسية" وعندما توفي دفنوه على عكس وصيته خارج المدينة، وهو يتمشى في المبنى حاملا في يده مخطوطاته الورقية ويهز برأسه.

غير أن من أغرب القصص التي يتم تداولها حول الكونغرس، والتي تحمل في طياتها كثيرا من الحقيقة، هو كون الصحفيون يحاولون تجنب المرور في بهو الكابتيول هيل، حيث توجد بقع سوداء على الدرجات يقال إنها بقع دماء عضو الكونغرس ويليام تولبي الذي لقي مصرعه على يد الصحفي تشارلس كينكيد عام 1890، حيث يقال أن القتيل يشفي غليله من الصحفيين باعتراض طريقهم في الدرج مما يتسبب في تعثرهم.
لكنك لن تشعر بالخوف ولو لحظة واحدة في هذا المبنى الذي تزين جدرانه اللوحات الفنية والزركشات والألوان والثريا الفاخرة والتماثيل التاريخية، والذي يعج بالزوار من سياح وممن ينتظرون صفوفا أمام مدخل مكتب هذا النائب أو ذاك لمناقشة مشاكل مدينتهم وإقناعه بعرضها في إحدى جلسات الكونغرس.